شيطنة حضرموت ... مَن المستفيد ؟!

2013-08-16 16:11

من غير اللائق ان يناقش الإعلام قضايا مناطقية او مذهبية أو ينجر نحو صراعات وأطروحات تروج للانقسام والطائفية ، لكن الواقع أقوى من الأمنيات والأحلام والشعارات الوطنية .

 

واقعنا بعد ثورات الربيع العربي طائفي ومذهبي بامتياز يكفي ان تسمع لإخبار واطروحات الراقصين على رؤس الأفاعي في وطننا ؛ ستجد نفسك مسيّرا غير مخير في الإبحار بفلك الطائفية وأخواتها .

 

سعت جهات وأحزاب وفئات مركزية ومنتفعة لنقل وتصدير صراعاتهم السياسية والحزبية والمذهبية من المركز إلى المحافظات والفروع .

 

معادلة تقاسم الثروة والسلطة التي انفجرت شرارتها في العاصمة صنعاء عمل موقديها على نقل معركتهم لحضرموت لتفتيت اللحمة الوطنية للمجتمع ، والترويج  للمشاريع المشبوهة والخارجية لخلخلة المحافظة والوطن والمنطقة .

 

بدأت شيطنة حضرموت وأبناءها باكرا منذ بداية الثورة ، حيث حملت عصا مشروع عسكرة حضرموت وإحراقها الناشطة النوبلية للحروب والفتن توكل كرمان التي رفعت شعار " حضرموت .. "بنغازي اليمن " داعية ان تكون مدينة المكلا منطلقا للثورة المسلحة والعسكرية للزحف المسلح على القصر الجمهوري ؛ لتأتي الإجابة واضحة قاطعة من عقلاء وأبناء حضرموت : " جامعة الإيمان أقرب إلى القصر الجمهوري من حضرموت البعيدة والنائية " ، لكن أحلام حرق حضرموت وجرها لمستنقع العنف والصراعات لم توأد ولم تتوقف في ذهن ومنطق القائمين عليها ، بل ظلت المؤامرات والمشاريع الجهنمية تحاك في الظلام ضد مصالحنا تارة تحت تصدير المسار الثوري ، وتارة تختبئ وراء المطالبة بحقوق ومطالب حضرموت ، وتارة تشوه تاريخ حضرموت ، وتنسب العنف والإرهاب لأبنائها .

 

أدمنت كثير من القوى ركوب خطاب مزدوج تجاه حضرموت وأبناءها ومصالحها ، فحضرموت الحضارة العلم والثقافة ذات المجتمع المدني المتحضر والحاضن لدولة القانون والمؤسسات يرفع هذا الخطاب إذا أردت القوى المتنفذة استغلال واستنزاف ثروتنا وإقصائنا ، بينما يوجه لحضرموت خطابا بغيضا ومقيتا ، وتتهم فجأة وبدون مقدمات بأنها بيئة حاضنة للإرهاب والعنف ، وترفض الاستجابة لمشروع الدولة ، وتختار مشروع العنف والطائفية لتحقيق مصالحها .

 

هذه الازدواجية في الخطاب ما زالت مستعملة وتتزايد رقعتها في التعامل مع حضرموت وقضاياها .

 

فخطابات الوعد والمدح والتزلف يقتصر لمخاطبة الداخل ويرفع لتخدير الداخل والالتفاف على حقوقنا ومصالحنا ، وفي الوقت نفسه تروج وتحرِّض بعض القوى السياسية والحزبية في الداخل والخارج لخطاب شيطنة حضرموت والتخويف منها ، ولصق تهمة الإرهاب والعنف بوديانها ومديرياتها ، وبان المحافظة المهشمة والمغيبة تتآمر على اليمن لتقسيمه وتمزيقه وتفتيته ، وتتناسى هذه القوى بأنها هي من أنتجت الأزمة وصنعتها ؟! ، وتعاملت مع حضرموت بنظرة الفرع والتابع والخاضع للأصل " المركز " ، وشاركت هذه القوى المأزومة في فتح اليمن على كل وصاية إقليمية ودولية وغربية ؛ لتصبح أرضنا وبحرنا وأجوائنا ومؤسساتنا بلاد مستباحة لا ترد يد لامس .!

 

من يتابع الأطروحات والرؤى المقدمة لحل القضية الجنوبية من الأحزاب والقوى المشاركة في الحوار الوطني سيكشف نوايا القوم تجاه حضرموت ومصالحها ، فمنهم من يطالب تقسيمها وتجزئتها بين الأقاليم ، ومنهم من يريد ترسيخ المركزية وخضوع الأصل للفرع ، ومنهم من يطالب بربطها بمحافظات وقوى بعيدة عن ثقافة وجغرافيا المحافظة لخلق صراع سياسي دائم يخدم مصالح هذه القوى الحزبية والمذهبية .

 

المرحلة الراهنة في اليمن مرحلة ضبابية ، وعنوانها الصراع والتنازع وتضارب المشاريع الداخلية والخارجية ؛ وهذا يستلزم من جميع القوى الوطنية والسياسية والحزبية في حضرموت خلع رداء الحزبية وتقديم مصالح حضرموت على التوجهات المركزية والمصالح الخارجية ، أو على الأقل العمل على إبعاد حضرموت عن صراعات القوى المتنفذة والمستفيدة في المركز ، وان يكون شعارنا في هذه المرحلة الحياد الايجابي والانفتاح على بعضنا ، وتغليب لغة الحوار على لغة الاتهام والتخوين .

 

نتمنى ان تصل هذه الصيحات والمطالب الوطنية للقوى والكوادر الحضرمية في صنعاء ، وان يواجهوا هذه الدعوات التحضيرية والتشهيرية والمغرضة ، ولا يكتفوا بدور الكمبارس والمتفرج لما يطرح ويحاك من خطابات ومشاريع طائفية تقتل وتفرق الوطن والمواطنين .