اليمن على بوابة المجهول

2014-09-05 12:36

 

البلاد هذه الأيام أشبه بمستودع متفجرات قابل للانفجار بمجرد ملامسة البوابة ومحاولة فتحه، كما إن الإبقاء عليه مقفلا يضاعف من مخاطر اندلاع حريق لا يبقي ولا يذر، ويبقى الأمل في العثور على خبير متفجرات ماهر يمتلك القدرة على تفكيك المواد القابلة للانفجار قبل الولوج الى داخل المستودع.

 

لست ضد الاحتجاجات السلمية حتى لو كانت بمبررات واهية، ومبررات الاحتجاجات الجارية هذه الأيام ليست واهية أبدا لكن السلطة قد استجابت للجزء الكبير منها، وسأتناولها في سياق هذا الحديث، كما إنني لست معارضا لان تناور الحكومة اليمنية لتحسين موقفها التفاوضي وهي قد ناورت كثيرا حتى تجاوزت الأمور حدها المعقول وكنت من أوائل الذين دعوا الى تغيير الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، . . . لكن ما تشهده البلد هذه الأيام يمثل تصعيدا مجنونا يصعب التصور بان اللاعبين فيه قادرون على التحكم بأدوات اللعبة حتى النهاية،

 

الحكومة عاجزة وفاشلة ومكامن الفساد فيها عديدة ومتنوعة وليت الرئيس والاحزاب المكونة لها فوتت على الحوثيين فرصة الدعوة لإسقاطها واستبدلوها قبل ان يفوز الحوثي باسقاطها لكن ها قد استجابت السلطة للحوثيين وانصارهم وقبلت بتشكيل حكومة جديدة لا يعلم أحد بميعاد يوم ميلادها.

 

الاستجابة لالغاء الجرعة وإن بتعديل أسعار المشتقات النفطية بما يتواكب والسعر العالمي، يمثل موقفا لينا من الحكومة وينبغي على أنصار الله التقاط الفرصة فالناس يسجلون الفضل في هذا التعديل لهم ( اي لانصار الله) وإصرارهم على إعادة الأسعار الى ما كانت عليه قبل الجرعة قد ينقلهم من خانة الربح الى خانة الخسارة، أما الاصرار على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني قبل رفع الاعتصامات فهو أقرب إلى الكلام المخيط بصميل، كما يقول العامة، لأن تنفيذ مخرجات الحوار يستدعي أشهرا وسنوات وربما اكثر، وقد يكون الحوثيون محقين في اتهام السلطة بالتباطؤ في التعاطي مع عناصر الأزمات المستفحلة، بما في ذلك تنفيذ القرارات والتعهدات التي تقطعها السلطة على نفسها ونحن نعرف ان مرد ذلك المكينة المعطوبة التي تعمل بها السلطات اليمنية، لكن الاستمرار في التصعيد إلى ما لا نهاية له من المخاطر ما قد يصعب السيطرة عليه من قبل أي من أطراف الأزمة.

 

لا احد يعلم ماذا يدور في كواليس المفاوضات والغرف المغلقة للوساطات التي تجري بين رئاسة الجمهورية وعبد الملك الحوثي، لكن السؤال الذي يطرحه معظم اليمنيين هو: هل يعتقد الحوثيون ان الفوائد التي سيحققونها من إسقاط العاصمة تستحق الثمن الباهظ الذي سيستدعي دفعه إشتعال الحرب وما سيرافقها من حمامات دم وإزهاق أرواح ؟، وهل يعتقد الحوثيون إنهم إذا ما أسقطوا العاصمة، وهم قادرون على ذلك، انهم سيستطيعون السيطرة على زمام الأمور كما فعلوا في صعدة وبعض مناطق عمران؟

 

إذا لم يطرأ انفراج على الأزمة الراهنة خلال الساعات القليلة القادمة فإن اليمن قادم على مجاهيل مخيفة، نسأل الله ان يجنب الجميع عواقبها الوخيمة.