14 اكتوبر الثورة المفقودة.. بأي حال تعودين ؟

2019-10-13 13:04

 

تطل علينا الذكرى ٥٦ لثورة ١٤ اكتوبر ونحن نراوح مكاننا وكأننا نعيش أجواء ١٩٦٧م لم نستقل ولم نتحرر ولم نتعلم من تجارب الآخرين وحتى لم نتعلم من تجاربنا نحن في كيفية بناء الدولة والإنسان والحفاظ عليهما.

تطل علينا ذكرى ١٤ اكتوبر ونحن نعاني من الحروب والاحتلال والتبعية وسوء الحالة المعيشية وفقدان الأمن انتشار الفساد لاكهرباء ولا تعليم ولا نظام ولا قانون !! فلماذا ثُرنا إذاً؟

فبأي حال تعودين أيها الذكرى؟

 

المعروف ان اي ثورة بعد الاستقلال تتحول تدريجيا الى دولة ونظام وقانون من خلال خطط وبرامج تعمل على نقل المجتمع من حالة الاحتلال والثورة الى وضع الدولة والنظام والقانون لكن هذه المرحلة لم نمر بها الى الآن ولا عرفناها فبعد نصف قرن من الزمان لازلنا في مكاننا إن لم يكن أسوأ.

 

ذكرى اكتوبر تمر دون ضجيج لا إحتفال ولا زينة ولا خطابات ولا وعود كاذبة لأننا تعودنا عليها منذ نصف قرن !! وسئمنا تكرار العود الكاذبة .

لو نلقي نظرة على دول وأنظمة استقلت بعدنا واستطاعت ان تتحول من مرحلة الثورة والاستقلال الى مرحلة الدولة والبناء والنهوض بالمجتمع والتقدم، كيف اصبحت الآن؟ وكيف نعيش نحن؟.

بعد الحرب الأهلية في الجنوب عام ١٩٦٨م وسيطرت الجبهة القومية كتيار واحد حاكم للبلاد واقصاء الخصوم ،استخدم ما كان يسمى (العنف الثوري) مستمدا تعاليمه من الثورة البلشفية في روسيا وراح ضحيته آلاف من علماء ووجهاء ومشائخ الجنوب وسياسييه لتثبيت ما كان يسمى (مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية).

وخلال الفترة من ١٩٦٨م الى ١٩٧٨م عاش الجنوب في دوامة العنف الثوري اغتيالات وارهاب وتأميم الى أن انتقل العنف الثوري الى منظومة الحكم الشمولي وبدأت مرحلة تصفية الرفاق! في عام ٧٨م و٨٢م و٨٦م.

بمعنى ان الجنوب في تلك الفترة لم يشهد التحول المأمول الى الدولة.. نعم كان هناك أمن ولكن ثمنه كان باهضا لأن ارهاب النظام واخذ البرئ بالمجرم هو ذلك الأمن، اي ان المواطن كان يخاف من (الحكومة) ولا يخاف من غيرها.

في عام ١٩٩٠م حصلت الكارثة الكبرى (توقيع اتفاق الوحدة) التي كنا ننظر لها في الجنوب انها الخلاص من حكَم الحزب الاشتراكي وإرهابه . لكن تلك الفرحة سرعان ما تحولت الى مأساة كبرى لازلنا نعاني منها الى اليوم.

الجنوب يعيش في وضع مزري من اجتياحات متتالية من قوى الشمال من عام ١٩٩٤م الى اليوم ومن انعدام الخدمات وسوء الادارة والفساد.

تمر علينا ذكرى ١٤ اكتوبر والجنوب في أسوأ مرحلة يعيشها .. لا ننظر لهذه الذكرى الا كما نقرأ في التاريخ عن حروب الفجار او تغريبة بني هلال !! هذا واقعنا بعد ان اُفْرِغت ثورة ١٤ اكتوبر من محتواها لا نرى انفسنا اننا قد تحررنا ولا بنينا دولتنا، والاستعمار البريطاني خلفه استعمار واحتلال وهمجية وتخلف.

كجنوبيين لسنا ملائكة بل فينا من القبح والفساد والهمجية مايكفينا ولكن اذا اردنا ان ننتقل من هذا الوضع المزري علينا اولآ ان نعرف ماذا نريد ونعمل على تقديم مصلحة الجنوب قبل مصالحنا ونقر بأننا شركاء في المواطنة فيه لا اقصاء ولا تهميش ولا مناطقية ولا قبلية ولنستظل بسقف الجنوب ونعمل على بناء انفسنا وتعليمها لنبني الجنوب الذي يتسع للجميع.

الاحتلال لن يدوم وسيرحل يوما ما فقد استعمرت بريطانيا عدن والجنوب ١٢٩ عام ورحلت واحتلال اليوم سيرحل لا محالة .

 

ذكرى ١٤ اكتوبر تعود علينا ونحن في ذات المكان السابق قبل ٥٦ عام مع الفارق طبعا بان ذاك احتلال أجنبى له قوانينه  وانظمته وهذا احتلال محلي (يمني) ليس له نظام ولا قانون بل انه اشد وافضع .

 وقد اجاد الشاعر بقوله :

(وظلم ذوي القربى اشد مضاضةً ..

على النفس من وقع الحسام المهند.)

لا نملك الا ان نقول : اهلا باكتوبر والرحمة لكل شهداء الجنوب وضحايا الثورة والعنف الثوري والتصفيات لهم الرحمة جميعا ولكل شهيد روى بدمه تراب الجنوب فالله وليهم واليه مصيرهم وهو حسيبهم .