العالم مرشح للاضطراب في ظل الأقطاب الناشئة

2014-09-12 02:54
العالم مرشح للاضطراب في ظل الأقطاب الناشئة
شبوة برس - متابعات

 

روسيا تجتاح، والصين تتنمر، و«داعش» «يشكل تهديداً يتخطى كل ما سبق لنا رؤيته»، وفق وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، أما واشنطن، فتقلص جيشها. ويقف المنطق متفرجاً، وكثيرة هي الحجج التي تم تقديمها لتبرير التراجع بالدفاع الأميركي، لكنها جميعاً خاطئة.

 

يصر الرئيس الأميركي باراك أوباما على ضرورة أن تتجه أميركا نحو «نظام جديد قائم على مجموعة مختلفة من المبادئ، ومبني على حسّ بالإنسانية الجامعة». فالنظام القديم، وفق أوباما، حيث قوة أميركا المتفاوتة، تبقي الطغاة في دائرة المحاسبة، وتحافظ على سيادة الدول، يجب أن تستبدل. يقال إن القاعدة الأولى في العروض الجوية تقتضي عدم إفلات إحدى اليدين قبل إحكام قبضة الأخرى، هكذا وقبل التخلص من الاعتماد على قوة الولايات المتحدة، يجب أن تحل محلها قوة أخرى فاعلة، إذا كان الأمر ممكناً. أضف إلى ذلك أن التماس مبدأ «الإنسانية المشتركة» كركيزة للنظام العالمي الجديد، يتجاهل حقيقة أن الإنسانية بعيدة عن مبدأ الشراكة حيال القيم والآراء.

 

هناك من يزعمون أن التعددية القطبية في العالم أكثر إيثاراً من الأحادية التي تقودها الولايات المتحدة القوية. فهل تضم تلك الأقطاب كلاً من أستراليا، وكندا، وفرنسا وبريطانيا. لكن بوجود أقطاب ناشئة مثل الصين وروسيا وإيران، قد لا ينعم العالم بأي سلام. بل سيشهد أعمال تنمر واعتداء وحروب إقليمية.

 

يجادل البعض بوجوب سحب الولايات المتحدة قواتها العسكرية المنتشرة في أنحاء العالم، باعتبار أن الجميع سيترك أميركا وشأنها، إن فعلت ذلك. لكن، كلاً لن يفعلوا. فالدرس المستخلص من القرن العشرين، يقول إن الطغاة التواقين للسلطة يلتهمون الساعين للتهدئة، أو وفق تعبير حاكم مسيسيبي السابق، هالي بربور، فإننا قد ندفع لآكلي لحوم البشر ليلتهمونا في النهاية. ويكون الاقتصاد الأميركي، في هذه الأثناء، قد أصيب بالدمار بفعل تعطيل الطرق التجارية، واضطراب الأسواق العالمية، واندلاع الصراعات حول العالم.

 

ويصرّ البعض الآخر على أن الجيش الأميركي أقوى أصلاً من أي جيش آخر في العالم، وأنه يمكن لواشنطن قطع دابر الحروب مراراً وتكراراً. ويقيم هؤلاء حجتهم على دليل حجم ميزانية الدفاع الأميركية. إلا أن تلك المقارنات تكاد تكون فارغة من معناها: فروسيا والصين لا تفصحان عن حجم الإنفاق الحقيقي للدفاع، الذي يشكل جزءاً بسيطاً لناحيتي الرواتب والتسليح الأميركيين. ويبقى الواقع الأهم أن ترسانة روسيا النووية أكبر بكثير من تلك التي تملكها أميركا، وأن البحرية الصينية قد تتفوق على نظيرتها الأميركية، وستضم خلال ست سنوات سفناً حربية أكثر من السفن الأميركية، علماً بأن عدد الجنود الصينيين أكبر عدداً أصلاً.

 

إلا أن العذر الأكثر إثارة للضحك في ما يتعلق بتقليص عديد جنود الجيش الأميركي، ينعكس في تفكير أوباما نفسه، الذي يقول: «الأمور أقل خطراً بكثير مما كانت عليه قبل 20، و25، أو 30 سنة مضت». لكن بالون «العالم الأكثر أماناً»، الاختباري، قد فجرته الأحداث الأخيرة في كل من أوكرانيا، وأفغانستان، وليبيا، وغزة، وسوريا والعراق.

 

تنهار نظريات تقليص الجيش لتكشف السبب الحقيقي وراء التخفيضات: السياسيون، والعديد ممن ينتخبونهم، يودون حصر الإنفاق داخل أميركا.

 

يقتضي واجب السياسيين في واشنطن اتخاذ قرار تاريخي، من أجل الأميركيين، وأحفادهم، والعالم ككل. فالحرية والسلام يسيران بالتوازي. فإما أن يختاروا الاستسلام للسبيل السهل والاستمرار بتقليص الجيش، أو الوفاء للقسم الدستوري بحماية الولايات المتحدة الأميركية.

 

جيش متقلص

 

أشار بريت ستيفينز في مجلة «كومنتري» الصادرة، أخيراً، أن عدد القوات الأميركية يسير باتجاه الحجم الذي كان عليه عام 1940، وأن البحرية ستكون بحجم ما كانت عليه عام 1917، وأن قوات الجو ستكون أصغر مما كانت عليه عام 1947، كما أن ترسانة أميركا النووية لن تكون أكبر مما كانت عليه أيام الرئيس الأميركي الأسبق، هاري ترومان.

 

* البيان