بعيداً عن الشق السياسي لاتفاق الرياض:

2020-07-06 15:54

 

هل يلزم فلول "الشرعية اليمنية" التعاقد مع كيونغ لو ؟

 

من كثر ما أثقلت الممارسات الشوهاء أنفس بقايا الشرعية اليمنية منذ أيام علي عبدالله صالح، يبدو أن الحالة العاهية التي يمر بها أفرادها الآن صعبة، فهم أحوج إلى حضور دورات ليس في التنمية البشرية، أو رسم الخطط المستقبلية أو إدارة الأزمات، بقدرما هي حاجتهم ملحة لحضور دروس في اليوغا والتأمل، كتلك التي كان يؤديها أحد الخبراء الروحيين في السجون الهولندية.

 

خطرت ببالي هذه الفكرة عند الاطلاع على كتاب "بوذا في السجن" - 2019، للخبير الروحي الفيتنامي كيونغ لو ، فهو كتاب طريف، يروي فيه أكثر من خمسين حكاية عايشها في السجون الهولندية لمدة ست سنوات، خلال تقديمه دروساً في اليوغا والتأمل، للقتلة وتجار المخدرات.

 

 فالمؤلف يرى أن كثيراً من الناس لا "يعرفون" أنهم يعانون، ويتخذون، لذلك، سبلاً معينة يجدون فيها السعادة كالمال والجنس والسلطة، في سياق مواجهة آلامهم أو الهرب منها. وبحسب لو ، فإن عدم الاعتراف بالمعاناة أو "رؤيتها" هو أحد الأسباب الرئيسة للسلوك الإجرامي. وأن "الصدق واحترام الذات هما اللذان يبقياننا طافين بينما نبحر في بحر المعاناة".

 

يريد كيونغ لو أن يواجه السجناء معاناتهم. "بمجرد أن يتمكنوا من رؤية المعاناة التي يتشبثون بها، من خلال التزام الصمت. وإذ تحدث الصدمة يصبح العديد منهم قادرين على الخلاص من قبضة المعاناة التي يواجهونها وتجربة السعادة العميقة". بعيداً عن الضجيج والأقنعة والأدوار الخاطئة التي يتخذونها باستمرار. فمن خلال الجلوس بهدوء والتنفس العميق يعودون إلى الواقع.

 

الحال متشابه، فالسلطة اليمنية التي أثخنت البلاد فساداً وإفساداً وخراباً - وتتشبث بالشرعية كحق دستوري - تعيش مشتتة وبيدها مال ووهم سلطة وأشياء أخرى، لكنها لا تدري لمَ هي على هذه الحال الآن، أو لديها سردية خاصة، لكنها بعيدة عن معرفة ذاتها. هنا تأتي ضرورة مثولها لدروس الخبير الروحي كيونغ لو في فنادقها، بدلاً من السجون التي عمل فيها سابقاً، لعله يؤلف كتاباً جديداً عن تجاربها تفيد به البشرية من حيث لا تدري.

سعيد سالم الجريري