تعقيدات الفيدرالية والحرب والسلام في اليمن

2024-04-12 08:27

 

أثارت العلاقة المعقدة بين مشروع الفيدرالية والصراع الدائر في اليمن جدلاً ومناقشات حول الأسباب الجذرية للحرب وتداعياتها على السلام في البلاد.  ومن الضروري الخوض في السياق التاريخي المحيط بمشروع الفيدرالية وارتباطه بالصراع للحصول على فهم شامل للوضع.

 

 يمكن إرجاع احتدام الصراع إلى ما بعد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي عقد في صنعاء، حيث احتلت المناقشات حول تطبيق مشروع الفيدرالية متعددة الاقاليم مركز الصدارة.  ومن الأهمية بمكان أن نلاحظ أن اندلاع الحرب بعد المؤتمر كان نتيجة مباشرة لأقرار مشروع الفيدرالية كنظام للحكم في البلاد في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

 

 إن الحرب التي تعصف باليمن اليوم ليست مجرد صراع أيديولوجيات أو صراع داخلي، بل هو ناتج عن حيلة شريرة دبرتها جهات خارجية تسعى إلى ممارسة الضغوط علي الشعب لإرغامه على الإذعان لأجندة تقسيمية لا تتلائم مع وضعه الوطني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي  .  حيث دفع رفض الشعب لمشروع الفيدرالية القوى الخارجية التي تتبناه في السر من خلال ادواتها المحلية والاقليمية إلى التحريض على الصراع كوسيلة لفرضه بالقوة.

 

 يجب النظر إلى السرد المحيط بالانقلاب الحوثي على الرئيس هادي من خلال عدسة تتجاوز الاسباب المعلنة للصراع.  ومن الواضح أن الانقلاب لم يكن ناتج عن غياب الفيدرالية كنظام للحكم في اليمن، بل كان خطوة محسوبة في مخطط أكبر لقوى خارجية تسعى لفرضها بالقوة في اليمن.  إن الجوهر الحقيقي لمشاكل اليمن لا يكمن في الخلاف الداخلي، بل في المكائد الخارجية الشائنة التي تهدف إلى تقويض إرادة الشعب.

 

 إن طريق اليمن نحو الاستقرار وتحقيق السلام يكمن في تعزيز إطار ديمقراطي قوي، ودعم العدالة الاجتماعية والسياسية، وتعزيز هياكل الحكم المحلي.  حيث تعتبر هذه الركائز الأساسية أكثر ملاءمة لمعالجة التحديات المتعددة الأوجه التي يواجهها اليمن من النظام الفيدرالي غير الملائم للسياق الاجتماعي والثقافي والتاريخي للشعب اليمني.

 

 إن القضية المركزية في محنة اليمن هي القضية الجنوبية وحدها التي تحتاج الى حل جذري يلبي تطلعات شعب الجنوب ويرتقي الى مستوى التضحيات التي قدمها ، وهي قضية ملحة تتطلب الاهتمام الجاد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة..

 إن التدمير الوحشي الذي لحق باليمن لا يخدم أي غرض سوى الإكراه على القبول بمشروع فيدرالي يرفضه الشعب بشدة.  ومن الضروري أن ندرك أن السلام الحقيقي والتقدم في اليمن يعتمدان على معالجة المظالم الحقيقية وتعزيز الحوار الشامل، وليس على أجندات خارجية مغطاة بوعود كاذبة.

 

 ومع استمرار اليمن في مواجهة الصراع الداخلي والتدخل الخارجي، من الضروري النظر إلى ما هو أبعد من التفسيرات الظاهرة للصراع التي تستهدف تضليل الرأي العام عن الحقيقة.  ومن خلال إعطاء الأولوية للعدالة والديمقراطية والحكم المحلي ومعالجة القضية الجنوبية، يمكن لليمن أن يتحرك نحو السلام والاستقرار المستدامين دون الخضوع للضغوط الخارجية الرامية إلى فرض مشاريع تقسيمية على الشعب الذي يرفضها.  إن الطريق إلى السلام في اليمن يكمن في معالجة الأسباب الجذرية وبناء أساس من الثقة والتعاون بين جميع الأطراف المعنية.